كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)

دركات مختلفة، وليس كل قول قاله واحد منهم يعتبر قولًا لكل حداثي على درجة التعيين، وإن كان ذلك داخلًا ضمن مذهبه الذي اعتنقه ومنهجه الذي ارتضاه على درجة العموم، فهو منسوب إليه بوجه من الوجوه، ما لم يعلن براءته من هذا القول، فكيف إذا كان يثني على صاحب القول المنحرف، ويرسمه في أعين الآخرين مثالًا رائعًا في الثقافة والأدب والفكر؟! فكيف إذا كان يدافع عنه ولا يقبل فيه نقدًا؟!
١٦ - تحريت العدل والإنصاف في فهم النصوص الحداثية والحكم عليها، وما ظهر من استنتاج لبعض النصوص والرموز المحتملة والسياقات الموهمة، مما قد لا يوافق عليه البعض فإنني أعتمد فيه على عدة أمور علمية منهجية وأتكئ فيه على الأصل الحداثي القائل بأن النص إذا قاله صاحبه خرج من نطاقه إلى نطاق المتلقي يفهمه ويحكم عليه بطريقته الخاصة ووفق قيمه ومعاييره، هذا في النصوص الغائمة والأقوال الغامضة والعبارات الملبسة، أما ما كان منها واضحًا جليًا فإنه شاهد على ذاته بذاته.
١٧ - لا يقتصر هذا الكتاب على نصوص أدبية، بل يتضمن كذلك نصوصًا نثرية من مقالات وكتابات وقصص وروايات ودراسات وموضوعات فكرية.

٣ - الدراسات السابقة في الموضوع:
هناك مجموعة من المؤلفات التي تعرضت لهذا الموضوع، أو بالأحرى لبعض القضايا فيه، حيث لم أجد كتابًا جامعًا تحدث عن موقف الحداثيين من أركان الإيمان ومقتضياتها العملية.
وهذه المؤلفات تختلف من حيث حجمها، ونوعية التناول للموضوع، ومقدار العمق والشمول في محاكمة القضايا إلى عقيدة الإسلام وشريعته وغير ذلك من أمور، وسوف أذكر جملة منها مرتبة حسب الترتيب الهجائي معطيًا نبذة يسيرة عن كل واحد منها:
١ - أباطيل وأسمار: للأستاذ محمود محمد شاكر رحمه اللَّه، يقع في جزأين كبيرين يحتويان على ٦٣٠ صفحة، وفيه مناقشة علمية وأدبية واعتقادية لأوائل جذور الانحراف، وخاصة لويس عوض ثم توفيق الحكيم ومحمد مندور وطه حسين وغالي شكري ومحمد خلف اللَّه وغيرهم، وقد تحدث عن هؤلاء

الصفحة 16