كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)
أو لم يظلم أحدٌ منهم ربه؟ ) (¬١).
هذه المسرحية الخبيثة تدور حول قضية حداثية أساسية وهي تدنيس قداسة اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدّسَ-، بل لخص مقاصدها يوسف الخال في معرض إشادته بها وبصاحبها وذلك حين يقول: (خذ الحلاج عند عبد الصبور، لقد أراد أن يخلق مسيحًا في التراث الإسلامي، على الطريقة التي لدينا نحن المسيحيين كان الحلاج عنده مسيح الإسلام. . . فماذا لديك لتقول؟ ، إن اللَّه لا نعرفه نحن، عندما قال الحلاج: ما في الجبة إلّا اللَّه، فعلى الطريقة نفسها التي قال بها المسيح: أنا في الأب والأب في، فالمسيح والحلاج قالوا: إن اللَّه يمشي على الأرض، إنه إنسان، أنسنة اللَّه. . . من هنا أُدخل عبد الصبور في جماعة الشعراء التموزيين ولو لم يكن قد تكلم عن تموز مباشرة) (¬٢).
سبحان اللَّه عما يقول، وسلام على عيسى ابن مريم الذي كان عبدًا للَّه يدعو إلى عبادة الواحد الأحد الذي في السماء، وغضب اللَّه على من افترى عليه وكذب.
وفي مسرحية أخرى يتهكم باللَّه تعالى إلى حد بعيد، وذلك في قوله:
(يحرمني من نومي. . أشهى خبز في مائدة اللَّه) (¬٣).
وليس هناك ما يبرر له أن يعبر هذا التعبير بل كان في مقدوره أن يقول أشهى خبز في مائدة العين أو النفس أو الجسد أو الرغبة أو الإنسان أو أي شيء غير اللَّه تعالى، مما يدل على أن إتيانه باسم اللَّه تعالى أمرًا مقصودًا من أجل التنقص والتهكم، وتحقيق الاستخفاف، وتدنيس المقدس الذي يعد أصلًا من أصول الحداثة.
ومن هذا القبيل أقواله في مسرحية "مسافر ليل" الطافحة بسبّ اللَّه
---------------
(¬١) المصدر السابق: ص ٥٤٥ - ٥٤٦.
(¬٢) قضايا الشعر الحديث لجهاد فاضل: ص ٢٩٤.
(¬٣) ديوان صلاح عبد الصبور: ص ٣٦٢.