كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)
فنحن أمة قد وهبنا اللَّه تعالى من خصائص التمييز بين الحق والباطل ما لم يهبه لغيرنا من الأمم، ذلك أن أمة الإسلام هي أمة الحق له تدعو وبه تهدي وتعدل: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)} (¬١)، وليس بعد الحق إلّا الضلال، ولا بعد الهدى إلّا العمى ولا بعد الإيمان إلّا الكفر، ولا بعد التوحيد إلّا الوثنية، واللَّه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ومن شواهد انحرافات أدونيس في هذا الباب ما كتبه في ديوانه عن حقيقة الإسراء والمعراج، حيث صور هذه الحقيقة تصويرًا أسطوريًا، وساقها سياقًا مملوءًا بالسخرية والتشكيك والأكاذيب والتهكمات الكثيرة، وذلك تحت عنوان "السماء الثامنة، رحيل في مدائن الغزالي"، ويعني بمدائن الغزالي الإسلام وقد تعهد قائلًا:
(أهدم كل لحظة
مدائن الغزالي
أدحرج الأفلاك فيها أطفئ السماء) (¬٢).
وصور المسلمين في صورة تخبط وضياع وخرافة، وأنهم يحملون جثث الأسلاف ويقصد تراث السلف، وأنهم تائهون والرمل في عيونهم -رمتني بدائها وانسلت-، يقول:
(مسافرون يخبطون
أين يذهبون؟
من جثث الآباء يحملون
تمائمًا
---------------
(¬١) الآية ١٨١ من سورة الأعراف.
(¬٢) الأعمال الشعرية لأدونيس ٢/ ١٢٣.