كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)
ويقول الشلمغاني
اقرأو كتابي - الحاسة السادسة في إبطال الشرائع
الجنة أن تعرفوني
النار أن تجهلوني) (¬١).
وكل يميل إلى جنسه، وكل يأنس بأشباهه وأمثاله، وقد تشاكلت عقائد الخبث بين أدونيس والشلمغاني، كما تشاكلت عقائد الحداثيين العرب مع الملاحدة والإباحيين في بلاد الغرب، فانتحلوا منهم، وحاكوهم في ضلالهم، وصاروا نسخًا مكرورة عن أسيادهم وقد عبر بعضهم عن هذا بقوله: (حداثة الغرب النهضوية والعقلانية والعلمية كانت مفصلًا تاريخيًا هامًا في حياة البشرية أعادت الاعتبار للإنسان) (¬٢).
وإذا كانت هذه نظرتهم وهذا هو معيارهم فإنه بلا ريب قد أتموا أدوار المحاكاة والتبعية إلى حد الانجرار الكامل والتلقي البليد، تقول صاحبة المقولة السابقة: (وجاء دور كهايم (¬٣) ليعلن أن المجتمع هو اللَّه واللَّه هو المجتمع)، وقد تبع العلمانيون والحداثيون العرب هذه المقولة وقلدوها وأنزلوها على وقائع عديدة وأحوال كثيرة، واستخفوا باللَّه تعالى فوصفوه بالنقص، وجعلوه -جلَّ وعلا- هدفًا لسخريتهم واستخفافهم، وجعلوا من هذه السخرية والاستخفاف منطلقًا لسائر ضلالاتهم الاعتقادية والعملية.
---------------
(¬١) الأعمال الشعرية لأدونيس ٢/ ٥٤٧ - ٥٤٨.
(¬٢) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠ م: ص ١٠٥ مقال لأنيسة الأمين.
(¬٣) هو: أميل دوركايم اليهودي الفرنسي، ولد سنة ١٢٧٤ هـ - ١٨٥٨ م، وتوفي سنة ١٣٣٦ هـ/ ١٩١٧ م، اشتغل أستاذًا للفلسفة والاجتماع والتربية، ويعتبر من أكابر علماء الاجتماع المادي، ويعتبرونه واضع لفظة علم الاجتماع، تقوم نظريته الاجتماعية على الفلسفة المادية والنظرة الحيوانية للإنسان، وقد أثر بفلسفته هذه على مسيرة الحياة الاجتماعية الغربية غاية التأثير وسيأتى في الفصل الخاص بالاجتماع ذكر ذلك. انظر: الموسوعة الفلسفية ص ١٨٣.