كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)
عزتهم، وفي عقيدتهم وتاريخهم وتراثهم وحضارتهم وأمتهم، وكل معالم مجدهم وسؤددهم؟ ! .
وقد سردنا أمثلة عديدة لذلك، وما زالت جعبة أهل الحداثة مليئة بسهام الزيف والضحالة والارتداد، بل لا تفتش أحدًا منهم إلّا وتجده يجاهر بالكفر أو يلحن بأقوال تدل على قرارة نفسه السوداء {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (¬١).
فها هو المتردي نصر حامد أبو زيد يسخر من صفة علم اللَّه -جلَّ وعلا- فيقول متهكمًا: (وأمّا الحديث عن أسباب النزول أو النسخ فقد كان ذلك معلومًا للَّه منذ الأزل ثم تركب التنزيل على الوقائع في خطة إلهية محكمة معدة سلفًا) (¬٢).
ويواصل سخريته قائلًا: (بل إن كل ما نقول الآن من أقوال وما قيل قبل ذلك وما سيقال معلوم للَّه مراد له، فكل ما في الكون من أشياء وأحداث ووقائع وأفكار وعبارات مراد له وجزء من كلماته التي لا ننفذ كما ورد في القراءات) (¬٣).
ثم ينسرب بعد هذا كله ليقول بأن نسبة القرآن إلى اللَّه تعالى غير قطعية، بل هي تبرير ديني لوضع اجتماعي، وأن القرآن استمد القداسة من الامتداد التراثي والعبق التاريخي، والوهم بأن ذلك هو الإسلام ذاته.
ثم يتكئ اتكاء العاجز عن الحجة والبرهان إلى أقوال المعتزلة في زعمهم الباطل أن القرآن مخلوق، ويصف هذه البدعة بأنها فكرة حيوية وحضارية، وأنها هي التي أبدعت وأنجزت الإنجازات التي أفادت منها أوروبا فيما بعد! ! .
يقول: (. . . كان المعنى النقيض الذي ساد بعض الوقت ثم تم
---------------
(¬١) الآية ٣٠ من سورة محمد.
(¬٢) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ٣٨٧ - ٣٨٨.
(¬٣) انظر: المصدر السابق: ص ٣٨٨.