كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 1)
والحداثي النصراني الآخر وهو أنسي الحاج رتع في هذا المرتع الوخم أخبث ما يكون الرتع.
فمن ذلك وصفه بأن اللَّه -جلَّ وعلا- قد قتل ومات، وهو المعنى الذي أكرر القول بأنه أصل من أصول الحداثة الغربية وذيلها من الحداثات الأخرى، والتي منها محل البحث "الحداثة العربية" يقول أنسي الحاج: (تقتل الكلمة جسد اللَّه بعد قتل اللَّه روحًا وجسدًا) (¬١).
ويصف اللَّه تعالى بالدهشة حين خلق الخلق وهو معنى تهكمي واضح؛ لأن الحاج وأضرابه من ملاحدة الحداثيين ينكرون -أصلًا- وجود اللَّه، ولكنهم يستخدمون أساليب التهكم والتنقص لزعزعة الإيمان وتهوين أقوال الكفر، وتطبيع عقائد الإلحاد، وهذا هو الذي حدث فعلًا، فإنه قلما تجد من يدمن قراءة كتب هؤلاء -بعين الرغبة في الاستفادة منهم- إلّا وتجد هيبة اللَّه تعالى قلت في نفسه، وتوقيره -جلَّ وعلا- عدم، والحياء منه انطمس، أمّا من انغمس معهم في خوضهم وضلالهم، فأصبح كما قال اللَّه تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (¬٢).
يقول أنسي الحاج: (العشق الأول، الأول، الأقرب ما يكون إلى دهشة اللَّه الأولى بمن خلق) (¬٣).
ويقول: (لم أجد اللَّه كما وجدته حين لم أعد احتمل أفكاري) (¬٤).
ويقول: (اللهو المجنون من صفات الألوهية، والفن لهو، الفنان في لحظة الخلق فلذة إله) (¬٥).
---------------
(¬١) خواتم: ص ١٩.
(¬٢) الآية ١٧٦ من سورة الأعراف.
(¬٣) خواتم: ص ٣٤.
(¬٤) المصدر السابق: ص ٥٧.
(¬٥) المصدر السابق: ص ٥٨.