كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

ثم أضاف -رحمه اللَّه- قائلًا: (فإن اللَّه تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها، ثم خص قريشًا على سائر العرب، بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص) (¬١).
ثم ذكر -رحمه اللَّه- بعد ذلك حكم بغض العرب ومحبتهم وبين: (. . . أن بغض جنس العرب، ومعاداتهم كفر أو سبب للكفر، ومقتضاه أنهم أفضل من غيرهم، وأن محبتهم سبب قوة الإيمان. . .) (¬٢).
وبعد كلام طويل ذكر سبب تفضيل جنس العرب، فقال -رحمه اللَّه-: (وسبب هذا الفضل -واللَّه أعلم- ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك أن الفضل: إمّا بالعلم النافع، وإمّا بالعمل الصالح.
والعلم له مبدأ وهو: قوة العقل الذي هو الفهم والحفظ، وتمام وهو: قوة المنطق، الذي هو البيان والعبارة، والعرب هم أفهم من غيرهم، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة، ولسانهم أتم الألسنة بيانًا وتمييزًا للمعاني، جمعًا وفرقًا، يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل، إذا شاء المتكلم الجمع، ثم يميز بين كل شيئين مشتبهين بلفظ آخر مميز مختصر، كما تجده من لغتهم في جنس الحيوان فهم -مثلًا- بعبرون عن القدر المشترك بين الحيوان بعبارات جامعة، ثم يميزون بين أنواعه في أسماء كل أمر من أموره: من الأصوات، والأولاد، والمساكن، والأطفال، إلى غير ذلك من خصائص اللسان العربي التي لا يستراب فيها.
وأمّا العمل: فإن مبناه على الأخلاق، وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة لكن كانوا قبل الإسلام طبيعة قابلة للخبر معطلة عن فعله، ليس عندهم علم منزل من السماء، ولا
---------------
(¬١) المصدر السابق ١/ ٣٨١.
(¬٢) المصدر السابق ١/ ٣٨٥.

الصفحة 702