كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

محمد جمال باروت عن تبعية عصابة شعر حيث قال: (. . . حركة مجلة شعر قد دمجت فعليًا بين المثال الإحيائي النهضوي والمثال الغربي، بعيدًا عن أية مثنوية حضارية، وبهذا المعنى قادت الأطروحة النهضوية مشروع شعر إلى المثال الغربي، كإعادة اتصال به، أو كتكرار لما كان في البدء، ويعبر عن ذلك أدونيس في معالجة لقضية المثنوية الحضارية، أمّا يسميه "قضية التعارض: شرق/ غرب" "ففي الأصل لا غرب لا شرق في الأصل الإنسان سائلًا باحثًا، بدأ السؤال والبحث وجودًا ومصيرًا في حوض المتوسط الشرقي ومن ضمنه سومر/ بال ثم أصبح نضامًا فكريًا، ومشروع أجوبة متكاملة في أثينا، من هذا الحوض كذلك جاءت الرؤيا الدينية: اليهودية وبعدها المسيحية مشروع أجوبة أخرى، وهيمن الجواب المسيحي وغزا ما وراء المتوسط "الغرب"، ثم جاء الإسلام بأجوبته التي تحتضن ماتقدمها وتكملها، أوروبا نفسها تسمية مشرقية فينيقية، أي: أنها اكتشاف أو ابتكار مشرقي، أليس اسمها هو نفسه، اسم الآلهة الفينقية "أوروب" كما تقول الأسطورة أي كما يقول الخيال/ الواقع") (¬١).
فقضية الارتماء الغربي قضية عادية مسلّم بها، لكن أدونيس يبحث عن تسويغ تاريخي بفذلكة متهافتة، تقوم على أساس فكرة الحضارة المتوسطية، وهي أوروبا المستوردة في فكر وشعر الحداثة، وهي الجذور التي تريد عصابة شعر ترسيخ عقائدها الوثنية والنصرانية باسم أنها كانت نابعة من الشرق على حد تعبير أدونيس في قوله: (الإبداعات الكبرى في الغرب، سواء كانت دينية أو فنية أو فلسفية -تجاوزًا للتقنية- شرقية الينانيع، أنها نوع من شرقنة الغرب) (¬٢).
يقول باروت بعد هذا النص: (هكذا تأسست أطروحة المعاصرة ليس بوصفها اقتلاعًا بل بوصفها نهضة وعودة إلى الجذور، وستعبر اطروحة
---------------
(¬١) الحداثة الأولى لمحمد جمال باروت: ص ١٤، والنص المنقول من كلام أدونيس من كتابه فاتحة لنهايات القرن: ص ٣٢٩.
(¬٢) فاتحة لنهايات القرن: ص ٢٣٠.

الصفحة 709