كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

تحديد الشعوبية بأنها خروج على التقاليد الرسمية المتبعة في الحياة والفكر وتحت ستارها في الماضي وتحت صيغها المختلفة حديثًا يحاولون خنق كل تجديد، وكل تحرر، وكل خروج عن السياق العام المألوف، وبكلمة أخرى صارت الشعوبية صنوًا للتمرد، أمّا فيما يختص بمجلة شعر فقد وجه إليها هذا الاتهام؛ لأنها كانت كذلك، وإذا صادف أن طغى عليها الانتماء إلى طوائف معينة، وهي ما أسميتها أنت بالأقليات، أو كان بعض الذين قاموا عليها، كانوا فيما مضى، أو لا يزالون إلى الآن، يدينون بالولاء للحزب القومي الاجتماعي فهذا من قبيل المصادفة. . .
مما يستوقف النظر أن معظم الحركات التجديدية والإبداعية في التاريخ العربي جرت على أيدي من يسمونهم بالشعوبيين، وعلينا أن نسجل هنا واقعًا، وهو أن كل تجديد وإبداع في كل تراث، إنّما يأتي من خارجه. . .) (¬١).
مع العلم بأن هذه العقائد الشعوبية التي حمل لواءها نصارى لبنان لم تكن مقصورة عليهم بل هي ممتدة إلى كل نصارى العرب بمن فيهم الذين حملوا لواء القومية العربية ودعوا إليها وناضلوا من أجلها.
مع أن المتبادر إلى الذهن أن القومي يتبنى بشكل أساسي محبة العرب واللغة العربية وينشر أمجادها ويتغنى بفضائلها، غير أنه ثبت أن القوميين العرب وخاصة النصارى منهم كانوا أشد شعوبية وألد عداوة للعرب ولغتهم ودينهم.
وقد شاركهم في هذه الشعوبية الطائفيون الآخرون من النصيريين والدروز، فكونوا جبهة موحدة ضد الإسلام والعرب واللغة العربية والقرآن والسنة، ولكن هذه المرة باسم القومية العربية وباسم العروبة (¬٢).
---------------
(¬١) أسئلة الشعر: ص ١٥٧ - ١٥٨.
(¬٢) انظر: تصديق هذا في كتاب: الشعوبية الجديدة لمحمد مصطفى رمضان -رحمه اللَّه-، وحزب البعث تاريخه وعقائده لسعيد بن ناصر الغامدي، وفيه موقف ميشيل عفلق =

الصفحة 725