كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

ومن أمثلة ذلك طه حسين الذي ضج بالعداوة للدين الإسلامي وللعرب إلى حد جعله يقول في كتابه "مستقبل الثقافة": (إن العقل المصري منذ عصوره الأولى، عقل إن تأثر بشيء، فإنّما يتأثر بالبحر الأبيض المتوسط) (¬١).
وكان هذا القول إجابة على سؤاله القائل: (هل العقل المصري شرقي التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياء، أم هل هو غربي التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياء؟ ) (¬٢).
وهو الذي سبق له أن أعلن (أن المصريين خضعوا لضروب من العدوان جاءتهم من الفرس واليونان ومن العرب والترك والفرنسيين على حد سواء) (¬٣).
وقد كان توفيق الحكيم (¬٤) ينزع إلى هذا المنزع ويفصل في حقد وكراهية بين مصر والعرب، ويربط مصر بالفراعنة وغيرهم، ففي مقالة له في مجلة الرسالة بعنوان "إلى الدكتور طه حسين" يقول: (إن اختلاطنا بالروح
---------------
(¬١) مستقبل الثقافة في مصر: ص ١٦.
(¬٢) المصدر السابق: ص ١٣.
(¬٣) أعلن ذلك في جريدة كوكب الشرق عام ١٣٥٢ هـ/ ١٩٣٣ م. انظر: الصراع بين القديم والجديد لمحمد الكتاني ٢/ ١١٢٨.
(¬٤) توفيق الحكيم، ولد في مصر سنة ١٣١٥ هـ/ ١٨٩٨ م، درس الحقوق ورحل إلى باريس لمتابعة دراسته القانونية، وهناك امتلأ ماعونه بالمضامين الغربية، وعاد إلى مصر ليعمل في إحدى المحاكم متنقلًا بين عدة مدن، ثم شرع في العمل في وزارة المعارف ثم تفرغ للكتابة عام ١٣٦٢ هـ/١٩٤٣ م، وعين مندوبًا في اليونسكو، توفي في ١٤٠٧ هـ/ ١٩٨٧ م، من أكابر المتأثرين بالغرب، والداعين إلى أنماطه وأفكاره، اصطدم بالأزهر لسخريته بالدين وأهله عام ١٣٤٦ هـ/١٩٢٨ م، وفي عام ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م رد عليه مفكرون وعلماء لسخريته باللَّه تعالى، يرى أن تحكيم شرع اللَّه عودة إلى العصر الحجري، وأن التقدم لا يحصل إلّا باحتذاء طريقة الغرب وأفكارهم، يعتبره اليهود صديقًا لدولتهم الصهيونية. انظر: المرشد لتراجم الكتاب والأدباء ص ٤٢، والصراع بين القديم والحديث ٢/ ١٢٤٤، ورأيهم في الإسلام ص ١٠١، وكتاب الحكيم في حديثه مع اللَّه ومدرسة المتمردين على الشريعة لعبد العظيم المطعني.

الصفحة 727