كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

وكونها بالفطرة غير قابلة للعلاج والشفاء، وهو لا يقدم بالطبع أي حل لأنه لم يحسب حسابًا للحلول، فذهنه وعقله منصرفان للتدمير لا لسواه. . .
إنه شعر سادي، عدمي، تدبيري، شعوبي، معبأ بأحقاد غير العرب على العرب، شعر له نسب واحد في تراثنا الشعري هو تراث الشعوبية.
قام الخطاب الشعوبي في تراثنا العربي الإسلامي على التقليل من شأن العرب لغة وتراثًا ومقومات، كما قام على الاستهزاء بقيمهم ومثلهم والتشكيك بدورهم التاريخي.
إن ما فعلته الشعوبية القديمة هو نفس ما يفعله نزار اليوم: دفع العرب عن كل فضيلة وإلحاق كل رذيلة بهم) (¬١).
ثم أجرى معه جهاد فاضل مقابلة مطولة وجه إليه فيها تهمة الشعوبية، وكشفه أمام نفسه والناس، فحار وحاد وحاول تغيير المقابلة بما يوافق حرارته القومية حسب قوله، فلما نشرت المقابلة هاجم الذي أجرى معه المقابلة وهو جهاد فاضل، وعيره بأنه جوزيف فاضل، والخواجه جوزيف، ولكنه غير اسمه إلى جهاد ركوبًا لموجة الجهاد والمجاهدين؛ ولأن عدة الشغل تستلزم هذا التغيير (¬٢).
والذي يجدر ذكره هنا أنه في معرض رده على جهاد فاضل بين أن الشعر الذي استُشهد به على شعوبية نزار مما سبق ذكره وغيره، هذا الشعر قرأه وسمعه مئات الألوف من العرب في الأمسيات الشعرية وعلى أشرطة الفيديو وصفقوا له ووجدوه صمام الأمان لأحزانهم ومراراتهم وانفجاراتهم الداخلية (¬٣).
وهذا الذي ذكره نزار قباني عن نفسه وشعره صحيح للأسف؛ ذلك أن الأمة قد مسخت عقولها أجهزة الأعلام الخادعة، حتى جعلت الشيطان في
---------------
(¬١) انظر: فتافيت شاعر: ص ١٩.
(¬٢) انظر: المصدر السابق: ص ٢٤ - ٥٠.
(¬٣) انظر: المصدر السابق: ص ٥١.

الصفحة 741