كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

ذلك جاء: (استلهامًا لوجود أكثر عمقًا من الوجود اليومي الضاغط الفاقد لكل شاعرية. . .) (¬١).
ويضيف قائلًا: (إن اللجوء إلى الخرافة والأسطورة وإلى الرموز من مظاهر الشعر الحديث المهمة. . . نحن نعيش في عالم لا شعر فيه، أعني أن القيم التي تسوده قيم لاشعرية، والكلمة العليا فيه للمادة لا للروح، إذًا فالتعبير المباشر عن اللاشعر لن يكون شعرًا فماذا يفعل الشاعر إذن؟ يلجأ إلى الخرافات والأساطير التي لا تزال تحتفظ بحرارتها؛ ولأنها ليست جزءًا من هذ العالم) (¬٢).
هذه العبارات المليئة بالتضليل والمخادعة، والنفاق الفكري، ليست سوى تبرير ميت لاستخدام الأسطورة والوثنيات المختلفة، التي أخذ أفراد عصابة شعر ثمن ترويجها سلفًا من مؤسسة فرنكلين الأمريكية أو من منظمة حرية الثقافة المعروفة كأحد وجوه وكالة المخابرات الأمريكية (¬٣).
ومن وجوهها الأخرى مع مجلة شعر مجلة حوار وأدب وأصوات.
لقد كان العنصر الوثني والأسطوري الذي تبنته حركة شعر يقوم بدور داعم للثقافة الغربية التي تريد أمريكا بثه في المنطقة: (وجاءت الأسطورة لتلعب هذا الدور مدعومة بمرجعية ثقيلة الوزن والتأثير بفعل التضخيم الإعلامي المقصود، والمرجعية التي نعنيها هي طرح أسماء بعض الشعراء الغربيين مع إحاطتهم بهالة خرافية تجعلهم مثلًا يحتذى في كل إبداع. . .
يدلنا إلى هذا أن تعبير "الشعر المعاصر" كان يعني حقيقة ما يكتبه الغير وفق انتقاء واضح لا يترك مجالًا للتأويل في أن ما هو "عالمي" و"معاصر" هو الغربي تحديدًا، طوال أحد عشر عددًا من أعداد مجلة شعر بين عامي ١٩٥٧ - ١٩٥٩ م اقتصرت ترجماتها للشعر في عالم اليوم على
---------------
(¬١) مجلة شعر العدد ٣ تموز ١٩٥٧ م: ص ١١١.
(¬٢) انظر: بحثًا عن الحداثة: ص ٤٢.
(¬٣) انظر: المصدر السابق: ص ٤٨.

الصفحة 751