كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

قال عنه باروت: (بدأ السياب في استعمال الأسطورة بعد عام ١٩٥٢ م. . . إن السياب قد بدأ التعرف على أليوت بصعوبة، وما لديه من أساطير ورموز وتضمينات واستعارات، كما كان قد اطلع على مخطوطة ترجمة جبرا لـ "تموز أو أدونيس" أحد أجزاء موسوعة الغصن الذهبي. . .) (¬١).
ولعمق تأثير كتاب الغصن الذهبي على جبرا وخاصة الجزء الذي ترجمه باسم أدونيس، قال في المقدمة ما يدل على الانبهار والانصهار، قال: (كان لهذا الجزء -أدونيس- فضلًا عن خطورته الانثربولوجية الظاهرة أثر عميق في الإبداع الأدبي في أوروبا في السنين الخمسين الأخيرة، بما هيأه للشعراء والكتاب من ثروة رمزية وأسطورية نرجو أن يقبل عليها أدباؤنا أيضًا، لإغناء أدبنا الحديث) (¬٢).
لقد كان جبرا والثلة التموزية الذين معه يرون في إحياء هذا الرمز وتداوله وإشاعته مخرجًا ثقافيًا ينطلقون من خلاله إلى نيل رضوان أساتذتهم والاندماج في صميم الفكر الغربي الذي يرونه المثال الأعلى، ويحققون بذلك صرف الأمة عن دينها وتوحيدها وعقيدتها ومبادئها.
لقد اعتبروا الإسلام وحضارته وتاريخه وتراثه جدبًا وتخلفًا، ورأوا أن الخلاص من ذلك لا يكون إلا بارتباطها الثقافي والاعتقادي بعقائد بني ملتهم من النصارى الغربيين.
وقد عبر جبرا عن هذا بقوله: (لقد نبهتنا نكبتنا الكبرى إلى حقيقة الذبول الذي أصاب شعبًا كبيرًا قرونًا عديدة، إلى حقيقة العنة الروحية التي ما عدنا نستطيع تحملًا لها، فوجد شاعر كيوسف الخال في الأسطورة البابلية خير رمز لمعاناتنا) (¬٣).
---------------
(¬١) المصدر السابق: ص ١٦٨.
(¬٢) أدونيس أو تموز لجيمس فريزر ترجمة جبرا إبراهيم جبرا: ص ٦، نشر دار الصراع الفكري - بيروت ١٣٧٦ هـ/ ١٩٥٧ م.
(¬٣) الحداثة الأولى: ص ١١٤.

الصفحة 755