كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

شعوب البحر المتوسط، وقد تحل وتتحد صورة البطل أو المنقذ الإسلامي - العربي - الإغريقي، بل أشعر أحيانًا أن البحر الأبيض المتوسط هو مسرح ولادة حضارات العالم القديم والحديث") (¬١).
ثم يذكر باروت مجموعة من شعراء الحداثة الذين مثلوا تموزية مجلة شعر بعد إنقراض هذه المجلة وحركتها (¬٢).
ويذكر منهم محمود درويش في قصيدة "الأرض" التي أصدرها عام ١٣٩٧ هـ/ ١٩٧٧ م: (والتي توظف بشكل تضميني بارع القدرات الدلالية والإيمانية للأسطورة التموزية) (¬٣).
وهكذا استمرت الوثنيات التموزية تضرب بجران انحرافاتها في نتاج شعراء وكتاب الحداثة، وقد ذكرنا آنفًا تأثير شعراء حركة شعر بجيمس فريزر وأليوت، وهو تأثر واضح الأثر، عميق التأثير، بيد أنه من الضروري ذكر أثر أنطون سعادة في ترسيخ هذا الاتجاه الوثني الذي استقاه سعادة من الغرب النصراني الوثني، ليكون حربًا للأمة وسببًا في تفريق شملها وإضعاف قوتها، وربط حياتها ومسارها بالغرب.
لقد جاء من البرازيل إلى لبنان أنطون سعادة، وظهر في عام ١٣٥٠ هـ/ ١٩٣٢ م على مسرح السياسة مباشرة، وألف الكتب ونشر ما سبق له تأليفه، وكون حزبًا منظمًا دقيقًا أطلق عليه اسم "الحزب القومي الاجتماعي" (¬٤)،
---------------
(¬١) الحداثة الأولى: ص ١٦١ - ١٦٢، وما بين الأقواس نصوص نقلها من كلام يوسف الخال والبياتي ومراجعها في المصدر نفسه: ص ١٧٠.
(¬٢) هم فايز خضور في "آداد ١٩٨١ م"، ومحمود السيد في "مونادا دمشق ١٩٧٩ م"، ومحمد عمران في "كتاب الملاجة ١٩٨٠ م"، وهذه أسماء دواوين وكتب.
(¬٣) المصدر السابق: ص ١٦٢.
(¬٤) الحزب القومي السوري: ويسمى "الحزب القومي الاجتماعي"، أسسه أنطون سعادة عام ١٣٥٠ هـ/ ١٩٣٢ إثر عودته من البرازيل، وهو حزب يدعو إلى القومية السورية ويعتبرها مستقلة عن القومية العربية، وشعار الحزب زوبعة لها أربعة رؤوس ترمز عندهم إلى الحرية والواجب والنظام والقوة تتلخص مبادئ الحزب التي ذكرها سعادة في كتابه "نشوء الأمم" في فصل الدين عن الدولة، إزالة الحواجز بين الطوائف =

الصفحة 757