كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 2)

وتجليه فيها، وبخلقها من جديد، وعودتها لتحمل رسالتها إلى العالم من هنا كان سعادة يرى كما يرى الارسوزي حق الولاية للنبي على جمهور المؤمنين وبتعبير سعادة حق الزعيم في قيادة وتوجيه الأمة) (¬١).
وهكذا يتبين بشهادة حداثي -لا يُمكن أن يقال بأنه يتحامل على أصحابه وأحبابه- مدى التأثير الذي مارسته شخصية أنطون سعادة على جيل واسع من المثقفين والشعراء والأدباء والكتاب والسياسية، وقد ألقى في روعهم من ضمن ما ألقى، محبة الوثنيات والتعلق بها وتقديسها والوقوف أمام أسمائها ورموزها ومفاهيمها موقف العبودية الذليلة الخانعة، وموقف المحبة والانقياد والاتباع والإجلال، وهم بذلك لايفترقون في قليل أو كثير عن إخوانهم من عبدة الأوثان من أهل الجاهلية العربية أو غيرها، والفارق الوحيد الذي يُمكن ذكره هو أن عبدة الأوثان الأوائل كانوا يتقدمون إلى عبادتها بسذاجة وبساطة وعفوية، من غير عمق ولا معرفة ولا دراية.
أما عبدة الأوثان المتأخرين من الحداثيين وغيرهم فإنهم يتقدمون إلى عبادتها وهم متدرعون بالثقافة والعلم والموضوعية والحرية الفكرية والفلسفة العميقة إلى غير ذلك من الشعارات والأسماء المنفوخة.
المحور الثاني: الذي انطلق من خلاله أنطون سعادة للتأثير والاستقطاب: مؤلفاته، ومنها "نشوء الأمم" و"المحاضرات العشر في الندوة الثقافية" و"تعاليم وشروح في العقيدة القومية والاجتماعية" و"الإسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية" (¬٢).
غير أنه (كان التأثير الأدبي الرئيسي لسعادة عبر كتابه "الصراع الفكري في الأدب السوري" -صدر في الأرجنتين عام ١٩٤٣ م وبدءًا من ١٩٤٧ م أعيد طبعه في بيروت على نطاق واسع- ومن المفيد هنا استحضار بعض الاستشهادات لتحديد مجال التفحص الذي سنقوم به.
---------------
(¬١) الحداثة الأولى: ص ١١٨ - ١١٩.
(¬٢) انظر: الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان: ص ٤١٢.

الصفحة 760