كتاب طريقك الى الإخلاص والفقه في الدين

"والتداخل بين الإخلاص والنية، غير منكر، إلا أن النية قد تكون أعمَّ من وجهٍ، فإن الإخلاص لا يتصور من غير نية، بخلاف النيّة، فقد توجد بغير إخلاص، كما أن النيّة تتميز بالتعدد في المرادات، فيمكن للعامل أن ينوي بعملٍ واحد، أموراً عديدة مختلفة، فإن كانت حسنة، ازداد ثوابه بزيادة تلك المقاصد الحسنة، وإن كانت مشوبة، فله من الخير والشر بقسطه.
وعلى المسلم- لاسيما الداعية- بعد تحرير قصده فيما يتعلق بأعماله الصالحة، ومنها قيامه بالدعوة وتكاليفها، أن يحرص على استحضار النوايا الصالحة فيها، كدلالة الناس على الخير، ونشر العلم، ونصرة الدين، وتثبيت المؤمنين، وخذلان الباطل وأنصاره، والاقتداء برسل الله صلى الله تعالى عليهم أجمعين، وسِواها من النوايا والمقاصد العاليات الساميات.
وهذا باب واسع، يَفتح الله تعالى على عباده منه ما يشاء"""1".
قال الإمام النووي: ""اعلم أنه ينبغي لمن أراد شيئاً من الطاعات، وإن قلَّ، أن يُحضر النية، وهو أن يقصد بعمله رضا الله عز وجل، وتكون نِيَّتَه حال العمل، ويدخل في هذا جميع العبادات، من الصلاة والصوم، والوضوء والتيمم، و....، وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، و....، وحضور مجالس العلم والأذكار، وزيارة الصالحين، و ... ، ومذاكرة العلم، والمناظرة فيه، وتكراره، وتدريسه، وتعليمه، ومطالعته، وكتابته، وتصنيفه، والفتاوى، وكذلك ما أشبه هذه الأعمال، حتى ينبغي له إذا أكل، أو شرب، أو نام، يقصد بذلك
__________
(1) المصدر السابق، المبحث الثالث: صفات الداعية وآدابه.

الصفحة 40