كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب
فصل
زعم أبي تراب أن الكتاب والسنة لم يحرما الغناء والمعازف والمزامير والاستماع إليها، والرد عليه من عدة أوجه
قال أبو تراب: الكتاب والسنة لم يحرما الغناء ولا استعمال المعازف والمزامير والاستماع إليها.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن في هذا الكلام من قلب الحقائق ما لا يخفى على من نور الله قلبه بنور العلم والإِيمان، ولا يخلو قائله من أحد أمرين، كل منهما سيء العاقبة:
أحدهما: أنه يكون قاله جاهلاً بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة في تحريم الملاهي.
وهذا أخف الأمرين، ومع ذلك فعاقبته وخيمة جداً؛ لأن قائله يضل الناس بجهله، وقد قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ (25)} (¬1)، وروى الإمام أحمد وابن ماجه والبخاري في [الأدب المفرد] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أفتي بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه»، وفي رواية لأحمد وأبي داود «من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه»، ورواه الحاكم في مستدركه، ولفظه: «من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على من أفتاه»، قال الحاكم: صحيح
¬__________
(¬1) سورة النحل، الآية 25.
الصفحة 10
408