كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

دخل عمر رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان ليخاف منك يا عمر».
وتقدم في حديث عائشة رضي الله عنها: أن عمر رضي الله عنه لما طلع ارفَضَّ الناس عن الحبشية التي كانت تزفن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر».
وقد ذكر ابن إسحاق، وابن سعد، والزبير بن بكار، وابن عبد البر وغيرهم: أن عمر رضي الله عنه استعمل النعمان بن عدي بن نضلة على ميسان من أرض البصرة، وكان يقول الشعر، فقال:
فمن مبلغ الحسناء أن حليلها ... بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية ... ورقاصة تحدو على كل ميسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا في الجوسق المتهدم
فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إي والله إنه ليسوؤني ذلك، ومن لقيه فليخبره: أني قد عزلته، وكتب إليه عمر رضي الله عنه: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (¬1).
أما بعد: فقد بلغني قولك:
لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا في الجوسق المتهدم
¬__________
(¬1) سورة غافر، الآيات 1 - 3.

الصفحة 104