على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا أعرف له علة، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
الأمر الثاني: أن يكون عالماً بها أو ببعضها، ولكنه خالفها لغرض من الأغراض؛ إما تعصباً لرأي إمامه ابن حزم، وإما تقرباً إلى بعض الرؤساء المفتونين بحب الملاهي وسماعها، وإما أنه كان مفتوناً بسماع الملاهي وحبها فآثر هواه على رضا مولاه.
وهذا الأمر أشد من الأمر الأول؛ لما فيه من رد الحق مع العلم به، ومن سلك هذا المسلك لم يؤمن أن يزيغ قلبه، قال الله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (¬1)، وقال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (¬2)، وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} (¬3)، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (¬4)، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬5).
وفي [المسند] و [سنن أبي داود] و [مستدرك الحاكم] عن ابن عمر
¬__________
(¬1) سورة الصف، الآية 5.
(¬2) سورة الأنعام، الآية 110.
(¬3) سورة النساء، الآية 115.
(¬4) سورة الجاثية، الآية 23.
(¬5) سورة القصص، الآية 50.