قال: (هو الغناء بالحميرية، سَمَدَ لنا: غنى لنا).
وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في [كتاب الإغاثة]: أن رجلاً قال لابن عباس رضي الله عنهما: ما تقول في الغناء أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حراماً إلا ما في كتاب الله تعالى، فقال: أفحلال هو؟ فقال: ولا أقول ذلك، ثم قال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: اذهب فقد أفتيت نفسك.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط، والتشبيب بالأجنبيات، وأصوات المعازف، والآلات المطربات، فإن غناء القوم فيه شيء من ذلك، ولو شاهدوا لقالوا: هذا الغناء فيه أعظم قول، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته. فمن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته، فمن قاس هذا على غناء القوم فقياسه من جنس قياس الربا على البيع والميتة على المذكاة والتحليل الملعون فاعله على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الذهبي: سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى عن الشطرنج، فقال: الشطرنج من النرد، بلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ولي مالاً ليتيم، فوجدها في تركة والد اليتيم فأحرقها، ولو كان اللعب بها حلالاً لما جاز له أن يحرقها؛ لكونها مال اليتيم، ولكن لما كان اللعب بها حراماً أحرقها، فتكون من جنس الخمر إذا وجد في مال اليتيم وجبت إراقته، كذلك الشطرنج).