أهل أيلة حاذقان، قال: وأين منزلك من العسكر؟ فأومأ إلى الناحية التي كان الغناء منها، فقال سليمان: يبعث إليهما، فوجد الرسول أحدهما، فأقبل به حتى أدخله على سليمان، فقال له: ما اسمك؟ قال: سمير، فسأله عن الغناء كيف هو فيه؟ فقال: حاذق محكم، قال: ومتى عهدك به؟ قال: في ليلتي هذه، قال: وفي أي نواحي العسكر كنت؟ فذكر له الناحية التي سمع منها الصوت قال: فما غنيت؟ فذكر الشعر الذي سمعه سليمان، فأقبل سليمان فقال: هدر الجمل فضبعت الناقة، ونب التيس فشكرت الشاة، وهدل الحمام فزافت الحمامة، وغنى الرجل فطربت المرأة، ثم أمر به فخصي، وسأل عن الغناء أين أصله، وأكثر ما يكون؟ قالوا: بالمدينة، وهو في المخنثين، وهم الحذاق به، والأئمة فيه، فكتب إلى عامله على المدينة - وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم -: أن اخص من قبلك من المخنثين المغنين.
قول يزيد بن الوليد بن عبد الملك في ذلك
قال ابن أبي الدنيا: حدثني إبراهيم بن محمد المروزي عن أبي عثمان الليثي قال: قال يزيد بن الوليد الناقص: يا بني أمية، إياكم والغناء، فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل المسكر، فإن كنتم لابد فاعلين فجنبوه النساء، فإن الغناء داعية الزنا.