كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

فهو سفيه ترد شهادته، قال أبو الطيب: وأما سماعه من المرأة التي ليست بمحرم له، فإن أصحاب الشافعي قالوا: لا يجوز بحال، سواءً كانت مكشوفة، أو من رواء حجاب، وسواء كانت حرة، أو مملوكة.
قال الشافعي: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته، ثم غلظ القول فيه، وقال: هو دياثة، قال ابن الجوزي: وإنما جعل صاحبها سفيهاً فاسقاً؛ لأنه دعا الناس إلى الباطل، ومن دعا إلى الباطل كان سفيهاً فاسقاً. وقال أيضاً: وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي ينكرون السماع، وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلاف، وأما أكابر المتأخرين فعلى الإنكار، منهم أبو الطيب الطبري، وله في ذم الغناء والمنع منه كتاب مصنف حدثنا به عنه أبو القاسم الحريري. ومنهم القاضي أبو بكر محمد بن مظفر الشافعي. أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي عنه قال: لا يجوز الغناء ولا سماعه، ولا الضرب بالقضيب، قال: ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه. وقد نص الشافعي في كتاب [أدب القضاء] على أن الرجل إذا داوم على سماع الغناء ردت شهادته، وبطلت عدالته، قال ابن الجوزي: فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين منهم، وإنما رخص في ذلك من متأخريهم من قلّ علمه، وغلبه هواه. وقال الحافظ ابن رجب: وقد أفتى القاضي أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الشافعي - وكان أحد العلماء الصالحين الزهاد الحاكمين بالعدل، وكان يقال عنه: لو رفع مذهب الشافعي من الأرض لأملاه من صدره - بتحريم الغناء، وهذه صورة فتياه بحروفها. قال: لا يجوز الضرب بالقضيب، ولا الغناء،

الصفحة 142