ولا سماعه، ومن أضاف هذا إلى الشافعي فقد كذب عليه، وقد نص الشافعي في كتاب [أدب القضاء]: أن الرجل إذا داوم على سماع الغناء ردت شهادته، وبطلت عدالته، قال الله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (¬1)، قال ابن عباس معناه: تغنون بلغة حمير، وقال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (¬2). جاء في التفسير: أنه الغناء والاستماع إليه، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله كره صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة» يريد بذلك: الغناء، والنوح، وقال ابن مسعود: الغناء خطبة الزنا، وقال مكحول: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت السيل البقل. والله أعلم. هذا جواب محمد بن المظفر الشافعي، ثم كتب بعده موافقة له على فتياه جماعة من أعيان فقهاء بغداد من الشافعية والحنفية والحنبلية في ذلك الزمان، وهو عصر الأربعمائة، وهذا يخالف قول كثير من الشافعية في حمل كلام الشافعي على كراهة التنزيه. انتهى.
أحاديث أخرى في ذم الغناء
وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: أن أصحاب الشافعي العارفين بمذهبه صرحوا بتحريم الغناء، وأنكروا على من نسب إليه
¬__________
(¬1) سورة النجم، الآيات 59 - 61.
(¬2) سورة لقمان، الآية 6.