كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

المعاصي، وأطال النفس في تقرير التحريم، وأنه الذي درج عليه الأصحاب من لدن الشافعي وإلى آخر وقت من المصريين والبغداديين والخراسانيين والشاميين والجزريين، ومن سكن الجبال والحجاز، وما وراء النهر واليمن، كلهم يستدل بقصة ابن عمر رضي الله عنهما – يعني: حديث زمارة الراعي – قال الأذرعي: وأحسبه عرض في صدر كلامه بالغزالي فإنه من معاصريه. وقال ابن البزري: الشبابة زمر لا محالة حرام بالنص، ويجب إنكارها، ويحرم استماعها، ولم يقل العلماء المتقدمون ولا أحد منهم بحلها وجواز استماعها، ومن ذهب إلى حلها واستماعها فهو مخطئ. وقال ابن أبي عصرون: الصواب تحريمها، بل هي أجدر بالتحريم من سائر المزامير المتفق على تحريمها لشدة طربها، وهي شعار الشربة وأهل الفسوق، ثم ذكر الهيتمي ما قاله الشافعي في [الأم] في باب السرقة: ولا يقطع في ثمن الطنبور والمزمار. قال: وقد حرم الشافعي ما دونها – يعني الشبابة – في الإطراب بكثير، فإنه حرم الكوبة: وهو الطبل الصغير، وحرم طبل اللهو: وهو الطبل الكبير، وحرم الدف في غير العرس والختان، وما حرمه إلا لأنه لهو لا ينتفع به فيما يجوز، ففي الشبابة مع كونها لهواً يصد عن ذكر الله وعن الصلاة مع الميل إلى أوطار النفوس ولذاتها – فهي بالتحريم أحق وأولى، وهو مقتضى كلام العراقيين فإنهم قالوا: الأصوات المكتسبة بالآلات ثلاثة أضرب:
ضرب محرم: وهي التي تطرب من غير غناء؛ كالعيدان، والطنابير، والمزامير. وذكر الهيتمي أيضاً: أن الشافعي نص على أن

الصفحة 146