كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

الوصية بطبل اللهو باطلة. انتهى. قال القاضي أبو الطيب الطبري: وكان الشافعي يكره التغيير: وهو الطقطقة بالقضيب، ويقول: وضعته الزنادقة ليشغلوا به عن القرآن. قال الأزهري: المغبرة: قوم يغبرون بذكر الله بدعاء وتضرع، وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله تغبيراً، كأنهم إذا تناشدوها بالألحان طربوا فرقصوا وأرهجوا، فسموا مغبرة لهذا المعنى.
قلت: والرهج: هو الغبار، فقوله: أرهجوا: أي أثاروا الغبار. وقال: الزجاج: سموا مغبرين؛ لتزهيدهم الناس في الفانية: وهي الدنيا، وترغيبهم في الآخرة الباقية. وقال صاحب [القاموس]: المغبرة: قوم يغبرون بذكر الله، أي: يهللون ويرددون الصوت بالقراءة وغيرها؛ سموا بها لأنهم يرغبون الناس في الغابرة، أي: الباقية.
قلت: وهذا ضعيف، ولو كان الأمر على ما ذكره لكان ينبغي أن يقال لهم: المرغبة. والأقرب في هذا ما ذكره أبو الطيب الطبري: أن التغبير: هو الطقطقة بالقضيب، يعني: الضرب به على المخدة من الجلود حتى يطير الغبار منها، وكان الصوفية يفعلون ذلك مع إنشادهم الأشعار الملحنة.
ومنهم: من يعتقد أن وقت التغبير من أوقات إجابة الدعاء، قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: قد سمعنا عنهم أن الدعاء عند حدو الحادي، وعند حضور المخدة مجاب، وذلك أنهم يعتقدون أنه قربة يتقرب بها إلى الله تعالى، قال: وهذا كفر؛ لأن من اعتقد الحرام أو المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافراً. قال: والناس بين تحريمه وكراهته. ذكره عنه

الصفحة 147