كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

رجل له بنات يريد أن يبيع داره ويشتري المغنيات، لابنه أن يمنعه؟
قال: أرى أن يمنعه ويحجر عليه.
قلت: وهذه الرواية تدل على أن الغناء محظور عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى، إذ لو كان مباحاً ما أجاز للابن أن يحجر على والده ويمنعه من شراء المغنيات. وقد نص على كسر آلات اللهو إذا رآها مكشوفة وأمكنه كسرها. وعنه في كسرها إذا كانت مستورة وعلم بها - روايتان، وسيأتي ذكر نصوصه مع الكلام على إتلاف آلات اللهو إن شاء الله تعالى.
وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: أما مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى فإنه كان الغناء في زمانه إنشاد قصائد الزهد، إلا أنهم لما كانوا يلحنونها اختلفت الرواية عنه: فروى عنه ابنه عبد الله أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني. وروى عنه إسماعيل بن إسحاق الثقفي: أنه سئل عن استماع القصائد، فقال: أكرهه، هو بدعة، ولا يجالسون، وروى عنه أبو الحارث أنه قال: الغبير بدعة، فقيل له: يرقق القلب، فقال: هو بدعة. وروى عنه يعقوب الهاشمي: التغبير بدعة محدث. وروى عنه يعقوب بن غياث أكره التغبير وأنه نهى عن استماعه.
فهذه الروايات كلها دليل على كراهية الغناء، قال أبو بكر الخلال: كره أحمد القصائد لمَّا قيل له: إنهم يتماجنون، ثم روي عنه ما يدل على أنه لا بأس بها، قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن القصائد، فقال: بدعة، فقلت له: يهجرون، فقال: لا يبلغ بهم هذا كله. وقد

الصفحة 149