كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

يكون قوله لو أدرك زماننا وسمع ما يذاع في الإذاعات من غناء الخليعات المستهترات وأشباههن من المخنثين البارعين في فنون المجون والخلاعات من أنواع المعازف التي تستفز العقول، وتفعل في نفوس المستمعين إليها نحو ما تفعل الخمر؟! فالله المستعان.
وذكر ابن الجوزي عن ابن عقيل أنه قال: الأصوات على ثلاثة أضرب:
محرم، ومكروه، ومباح.
فالمحرم: الزمر، والناي، والسرنا، والطنبور، والمعزفة، والرباب وما ماثلها، نص الإمام أحمد بن حنبل على تحريم ذلك، ويلحق به الجرافة، والجنك؛ لأن هذه تطرب فتخرج عن حد الاعتدال، وتفعل في طباع الغالب من الناس ما يفعله المسكر، وسواء استعمل على حزن يهيجه أو سرور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوتين أحمقين: صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة.
والمكروه: القضيب؛ لأنه ليس بمطرب في نفسه، وإنما يطرب بما يتبعه، وهو تابع للقول، والقول مكروه، ومن أصحابنا من يحرم القضيب، كما يحرم آلات اللهو، فيكون فيه وجهان كالقول نفسه.
قلت: قال المرداوي في حواشي [الفروع]: الصواب: أنه يحرم، وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته. انتهى.
قال ابن عقيل: والمباح الدف، وقد ذكرنا عن أحمد أنه قال: أرجو أن لا يكون بالدف بأس في العرس ونحوه، وأكره الطبل.
قلت: والرخصة في الدف تختص بالنساء في أيام الأفراح.

الصفحة 151