كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

فصل
ذكر الإجماع على تحريم الغناء وآلات اللهو

ومما ذكرنا يعلم اتفاق الأئمة الأربعة على المنع من الغناء وآلات اللهو.
وقد حكى شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اتفاقهم على المنع من آلات اللهو، فقال في بعض كتبه: وآلات اللهو لا يجوز اتخاذها، ولا الاستئجار عليها عند الأئمة الأربعة، وقال في رده على الرافضي: الأئمة الأربعة متفقون على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو؛ كالعود ونحوه، ولو أتلفها متلف عندهم لم يضمن صورة التالف، بل يحرم عندهم اتخاذها. . . إلى أن قال: والمقصود هنا أن آلات اللهو محرمة عند الأئمة الأربعة، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك، إلا أن المتأخرين من الخراسانيين من أصحاب الشافعي ذكروا في اليراع وجهين، والصحيح التحريم، وأما العراقيون وقدماء الخراسانيين فلم يذكروا في ذلك نزاعاً.
وأما الغناء المجرد فمحرم عند أبي حنيفة، ومالك، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي، وأحمد، وعنهما أنه مكروه.
قلت: ما روي عنهما من الكراهة فإنما ذلك في الأشعار الزهدية الملحنة، لا في الأشعار المطربة التي تهيج الطباع إلى العشق والهوى، وتدعو إلى الفسق والفجور، وقد نبه على ذلك غير واحد من العلماء منهم: ابن الجوزي، وابن القيم، وابن رجب رحمهم الله تعالى. فأما

الصفحة 153