بقضيب ولا غيره. وفي تحريم الضرب بالقضيب وكراهته وجهان لأصحابنا، فإنه لا يطرب كما يطرب سماع آلات الملاهي، وقد روي أيضاً سماع القصائد الزهدية عن يزيد بن هارون، وعن يحيى بن معين وأبي خيثمة، وعلى مثل ذلك أيضاً يحمل ما نقله الربيع، وابن عبد الحكم عن الشافعي في الرخصة في التغبير، وأنه أراد بذلك سماع الأبيات الزهدية المرققة للقلوب، المقتضية للتحزين والتشويق والترقيق، إما مع ضرب بقضيب أو بدونه، فلا يكون له في ذلك قولان مختلفان، بل يكونان منزلين على حالين، وكذلك يزيد بن هارون، وعلى مثل ذلك أيضاً يحمل ما روي عن المتقدمين من الصوفية وغيرهم في الترخيص في السماع والغناء، فإن غناهم وسماعهم كان لا يزيد على سماع هذه القصائد إلا الضرب بالقضيب معها أحياناً. فإذا كان الشافعي رحمه الله تعالى قد أنكر الضرب بالقضيب وجعله من فعل الزنادقة الصادين عن القرآن، فكيف يكون قوله في آلات اللهو المطربة؟! وإن كان قد وقع في سماع ذلك طائفة من الصالحين والصادقين بتأويل ضعيف فلهم أسوة بكثير من العلماء الذين شذوا عن بعض أهل العلم بأقاويل ضعيفة، ولم يقدح ذلك في منازلهم، ولم يخرجهم عن دائرة العلم والدين، فكذلك هؤلاء لا يخرجون بذلك عن دائرة الصلاح، فإن الجميع لا يتبعون في زلاتهم، ولا يقتدي بهم فيها. انتهى كلام ابن رجب رحمه الله تعالى.