وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم الغناء، والمنع من استماعه واستماع آلات اللهو كلها. وبعضهم أطلق الكراهة، والمراد بها كراهة التحريم. وأبلغ من ذلك ما نقله صاحب [الفروع] عن القاضي عياض أنه ذكر الإجماع على كفر مستحله، يعني: الغناء، كما ذكر الإجماع على كفر من قال بأن القرآن مخلوق. وقال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه [المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية] (المسألة الثامنة والخمسون): حرمة الغناء وأخذ الأجرة عليه معلومة في دين الإسلام، فمن استباح ذلك يكفر لاستباحته ما حرم شرعاً. انتهى.
وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: حدثنا هبة الله ابن أحمد الحريري، عن أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال: أجمع علماء الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه، وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد، وعبيد الله العنبري، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار». وقال: «من فارق الجماعة مات ميتةً جاهليةً». وقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى قول القاضي أبي الطيب رحمه الله تعالى بنحوه ما ذكره ابن الجوزي، ثم قال ابن رجب: وهذا الخلاف الذي ذكره في سماع الغناء