كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

المجرد، فأما سماع آلات اللهو فلم يحكِ في تحريمه خلافاً، وقال: إن استباحتها فسوق، وإنما يكون الشعر غناء إن لحن وصيغ صيغة تورث الطرب، وتزعج القلب، وتنشر الشهوة الطبعية، فأما الشعر من غير تلحين فهو كلام، كما قال الشافعي: الشعر كلام؛ حسنه كحسنه، وقبيحه كقبيحه. انتهى.
وقال القاضي أبو الطيب أيضاً: وأما العود، والطنبور، وسائر الملاهي فحرام، ومستمعه فاسق، واتباع الجماعة أولى من اتباع رجلين مطعون عليهما. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: يريد بهما: إبراهيم بن سعد، وعبيد الله بن الحسن، فإنه قال: وما خالف في الغناء إلا رجلان: إبراهيم بن سعد، فإن الساجي حكى عنه أنه كان لا يرى به بأساًن والثاني: عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة، وهو مطعون فيه. وقال ابن رجب رحمه الله تعالى: أكثر العلماء على تحريم سماع الغناء، وسماع آلات الملاهي كلها، وكل منها محرم بانفراده، وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك. وقال ابن رجب أيضاً: وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي في كتابه [اختلاف العلماء]: اتفاق العلماء على النهي عن الغناء إلا إبراهيم بن سعد المدني، وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة. قال ابن رجب: وهذا في الغناء دون سماع آلات الملاهي، فإنه لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيه، وإنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد به.
ومن حكى شيئاً من ذلك عن مالك فقد أبطل، إلا أن مالكاً يرى

الصفحة 158