كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

يغني به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه، فليت شعري ما يقول في سماع التغبير عنده كتفلة في بحر قد اشتمل على كل مفسدة وجمع كل محرم؟! فالله بيّن دينه وبين كل متعلم مفتون وعابد جاهل، قال سفيان بن عيينة: كان يقال: احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون. ومن تأمل الفساد الداخل على هذه الأمة وجده من بين هذين المفتونين. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى.
وقال القرطبي في كلام على حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الجاريتين المغنيتين عندها بغناء بعاث: قولها: ليستا بمغنيتين: أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه، قال: وأما ما ابتدعته الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير، حتى لقد ظهرت في كثير منهم فعلات المجانين والصبيان، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة، وانتهى التواقح بقوم منهم أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال، وأن ذلك يثمر سني الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل المخرقة. انتهى كلامه.
ونقله عنه ابن حجر العسقلاني في [فتح الباري] قال: وينبغي أن

الصفحة 161