كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: أخبرنا محمد ابن ناصر، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الحسين بن يوسف، أخبرنا محمد ابن علي العبادي قال: قال أبو عبد الله بن بطة العكبري: سألني سائل عن استماع الغناء، فنهيته عن ذلك، وأعلمته أنه مما أنكره العلماء واستحسنه السفهاء، وإنما تفعله طائفة سموا بالصوفية وسماهم المحققون: الجبرية، أهل همم دنية وشرائع بدعية، يظهرون الزهد وكل أسبابهم ظلمة، يدعون الشوق والمحبة بإسقاط الخوف والرجاء، يسمعونه من الأحداث والنساء، ويطربون ويصعقون ويتغاشون ويتماوتون ويزعمون أن ذلك من شدة حبهم لربهم وشوقهم إليه، تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً. قلت: ما ذكره العلماء عن الصوفية من استباحة الغناء والملاهي ومخالفة ما تكرر ذكره في هذا الفصل من الإجماع فذلك عن جمهورهم وأهل الجهل منهم، وأما أهل العلم من أكابرهم فهم موافقون لأهل السنة والجماعة في ذم الغناء والمنع من استماعه واستماع آلات اللهو. قال الحارث المحاسبي: الغناء حرام كالميتة. وروى الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي بإسناده إلى أبي القاسم الدمشقي قال: سئل أبو علي الروذباري عمن يسمع الملاهي، ويقول: هي لي حلال؛ لإني قد وصلت إلى درجة لا يؤثر فيّ اختلاف الأحوال فقال: نعم، قد وصل لعمري ولكن إلى سقر. وروى الحافظ أيضاً بإسناده إلى عبد الله بن صالح قال: قال لي جنيد: إذا رأيت المريد يسمع السماع فاعلم أن فيه بقايا من اللعب. وروى أيضاً بإسناده إلى أحمد بن محمد البردعي قال: سمعت أبا الحسين النوري يقول لبعض أصحابه:

الصفحة 163