كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

المشركين يواكلونهم ويشاربونهم، فقال: «هم منهم». هذا لفظه أو معناه. فإذا كان هذا في المجاورة المنفصلة، فكيف بالمجاورة التي صارت جزءاً من أجزاء المحرم أو لصيقة به؟! وتأثير الجوار ثابت عقلاً وشرعاً وعرفاً، ثم ذكر أحاديث في طمس الصور ومحوها، وذكر أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية» متفق عليه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فهؤلاء رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم: إبراهيم، وموسى، وعيسى، وخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم - كلهم على محق المحرم وإتلافه بالكلية، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم، فلا التفات إلى ما خالف ذلك، قال: ووجه ذلك أن الصناعة محرمة فلا قيمة لها ولا حرمة، وأيضاً فتعطيل هذه الهيئة مطلوب، فهو بذلك محسن، وما على المحسنين من سبيل. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال في [المنتهى] وشرحه: أو اتلف بكسر أو خرق أو غيرهما، ولو كان ما يأتي مع صغير حال إتلافه مزماراً أو طنبوراً أو عوداً أو طبلاً أو دفاً بصنوج أو حلق أو نرداً أو شطرنجاً ونحوها، أو أتلف صليباً لم يضمنه؛ لأنه محرم لا حرمة له، فأشبه الكلب والميتة. انتهى.
وقد تقدم ما ذكره شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى من اتفاق الأئمة على أن المتلف لآلات اللهو لا يضمن صورة التالف. وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية جماعة من أصحابه على أن المتلف لآلات اللهو ولا ضمان عليه. قال أبو داود:

الصفحة 175