فصل
بيان ما في الغناء والمعازف من أنواع المضرات والمفاسد
في بيان ما في الغناء من أنواع المضرات والمفاسد. ومثل ذلك أصوات المعازف، ففيها مثل ما في الغناء في كل ما يذكر من مفسدة ومضرة.
فمن ذلك: أنه يفسد القلب، قاله الضحاك بن مزاحم، وتقدم.
ومنها: أنه ينبت النفاق في القلب، قاله غير واحد من السلف، منهم: ابن مسعود، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، والإمام أحمد. وقد جاء في ذلك أحاديث مرفوعة عن ابن مسعود وجابر وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم، وكلها ضعيفة. وهذا بخلاف الذكر وتلاوة القرآن فإنهما ينبتان الإيمان في القلب. وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب [ذم الملاهي] عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً: (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: هذا كلام عارف بأثر الغناء وثمرته، فإنه ما اعتاده أحد إلا ونافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا وطردت إحداهما الأخرى. وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه وتبرمهم به وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم، وعدم انتفاع