كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

قلوبهم بما يقرأه فلا تتحرك ولا تطرب ولا تهيج منها بواعث الطلب، فإذا جاء قرآن الشيطان فلا إله إلا الله كيف تخشع منهم الأصوات وتهدأ الحركات وتسكن القلوب وتطمئن، ويقع البكاء والوجد والحركة الظاهرة والباطنة والسماحة بالأثمان والثياب وطيب السهر وتمني طول الليل، فإن لم يكن هذا نفاقاً فهو أخية النفاق وأساسه.
تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة ... لكنه إطراق ساهٍ لاهي
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا ... والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن ... فمتى رأيت عبادة بملاهي
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ... تقييده بأوامرٍ ونواهي
وعليهم خف الغنا لما رأوا ... إطلاقه في اللهو دون مناهي
يا فرقة ما ضر دين محمد ... وجنى عليه ومله إلا هي
سمعوا له رعداً وبرقاً إذ حوى ... زجراً وتخويفاً بفعل مناهي
ورأوه أعظم قاطع للنفس عن ... شهواتها يا ويحها المتناهي
وأتى السماع موافقاً أغراضها ... فلأجل ذاك غدا عظيم الجاه
أين المساعد للهوى من قاطع ... أسبابه عند الجهول الساهي
إن لم يكن خمر الجسوم فإنه ... خمر العقول مماثل ومضاهي
فانظر إلى النشوان عند شرابه ... وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظر إلى تمزيق ذا أثوابه ... من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي
واحكم بأي الخمرتين أحق بالـ ... تحريم والتأثيم عند الله
وقال أيضاً في موضع آخر: فإن قيل: فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي؟ قيل: هذا من أدل شيء على فقه

الصفحة 182