كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

يا أنجشة، لا تكسر القوارير»، قال قتادة: يعني: ضعفة النساء. وفي رواية عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه وسواق يسوق بهن يقال له: أنجشة، فقال: «ويحك يا أنجشة، رويداً سوقك بالقوارير»، قال أبو قلابة: تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه. قال النووي: اختلف العلماء في المراد بتسميتهن قوارير على قولين، ذكرهما القاضي وغيره، أصحهما عند القاضي وآخرين، وهو الذي جزم به الهروي وصاحب [التحرير] وآخرون - أن معناه: أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو بهن وينشد شيئاً من القريض والرجز وما فيه تشبيب، فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه فأمر بالكف عن ذلك. ومن أمثالهم المشهورة: الغناء رقية الزنا. قال القاضي: هذا أشبه بمقصوده صلى الله عليه وسلم وبمقتضى اللفظ، قال: وهو الذي يدل عليه كلام أبي قلابة المذكور في هذا الحديث. والقول الثاني: أن المراد به الرفق في السير؛ لأن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واستلذته فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك؛ لأن النساء يضعفن عند شدة الحركة ويخاف ضررهن وسقوطهن. انتهى.
وذكر الحافظ ابن حجر في [فتح الباري] عن أبي عبيد الهروي أنه قال: شبه النساء بالقوارير؛ لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع إليها الكسر فخشي من سماعهن النشيد الذي يحدو به أن يقع بقلوبهن منه فأمره بالكف فشبه عزائمهن بسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في إسراع الكسر إليها. قال القاضي عياض: هذا أشبه بمساق الكلام،

الصفحة 191