كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} في الغناء والمزامير، ذكره ابن كثير في تفسيره.
قال البغوي: ومعنى قوله: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن.
وقال قتادة: قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} والله لعله لا ينفق فيه مالاً، ولكن شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وما يضر على ما ينفع.
قال القرطبي: إن أولى ما قيل في هذا الباب: هو تفسير لهو الحديث بالغناء، وهو قول الصحابة والتابعين.
ونقل ابن القيم رحمه الله تعالى عن أبي إسحاق وأظنه المروزي فقيه الشافعية أنه قال: أكثر ما جاء في التفسير: أن لهو الحديث ههنا: هو الغناء؛ لأنه يلهي عن ذكر الله تعالى.
قال الواحدي: قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن.
قال: ويدل على هذا ما قاله قتادة في هذه الآية: لعله لا يكون أنفق مالاً. . . إلى آخر كلامه المتقدم ذكره.
قال الواحدي: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء، ثم ذكر قول الشافعي رحمه الله تعالى في رد الشهادة بإعلان الغناء.

الصفحة 23