كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

قال: وأما غناء القينات فذلك أشد ما في الباب، وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه، وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة»، الآنك: الرصاص المذاب.
قلت: فإذا كان هذا الوعيد لمن استمع إلى قينة، فكيف بالذين يستمعون إلى غناء البغايا المستهترات وأشباههن من المخنثين البارعين في فنون المجون والخلاعات، كما هو الواقع في زماننا من كثير من المفتونين بالاستماع إلى الإذاعات، أو الحضور في مسارح الخلاعات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد جاء تسمية الشعر حديثاً فيما رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن ابن مهدي وعفان عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل، قال: سألت عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر؟ فقالت: كان أبغض الحديث إليه.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن الأسود بن شيبان به.
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: قيل لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وقيل: أراد بقوله: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} اشتراء المغني والمغنية لما روى ثور بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: (هو الرجل يشتري الجارية تغنيه ليلاً ونهاراً).
وتقدم قريباً ما رواه مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الصفحة 24