كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

أخاف عليكم ثلاثاً، وهي كائنات: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تفتح عليكم». ومنها ما رواه أبو نعيم في [الحلية] من حديث عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني أخاف على أمتي من بعدي ثلاثة أعمال» قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: «زلة عالم، أو حكم جائر، أو هوى متبع»، وروى الدارمي في سننه عن زياد بن حدير قال: قال لي عمر رضي الله عنه: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: (يهدمه: زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين) وقد تقدم في أول الكتاب أكثر من عشرين حديثاً كل حديث منها شاهد بخطأ ابن حزم فيما زعمه ههنا من عدم صحة شيء في هذا الباب. وأما زعمه أن كل ما فيه فموضوع. فذلك أعظم وأعظم، وليس له مستند فيما زعمه سوى الجراءة الذميمة وقلة الورع.
الوجه الرابع: قال ابن حجر الهيتمي: إن ابن حزم حمله تعصبه لمذهبه الفاسد الباطل في إباحة الأوتار وغيرها إلى أن حكم على هذا الحديث وكل ما ورد في الملاهي بالوضع، وقد كذب في ذلك وافترى على الله على نبيه وشريعته. كيف وقد صرح الأئمة الحفاظ بتصحيح كثير من الأحاديث الواردة في ذلك، ولقد قال بعض الأئمة الحفاظ: عن ابن حزم إنما صرح بذلك تقريراً لمذهبه الفاسد في إباحة الملاهي، وأن تعصبه لمذهبه الباطل أوقعه في المجازفة والاشتهار حتى حكم على الأحاديث الصحيحة من غير شك ولا مرية بأنها موضوعة، وقد كذب وافترى، ومن ثم قال الأئمة في الحط عليه: إن له مجازفات كثيرة

الصفحة 309