كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

الوجه الرابع: أن ابن حزم ذكر ههنا أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذهب يحتج فيما سيأتي بما رواه بالإسناد المقطوع عن عبد الله ابن عمر وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم، وهذا من تناقضه.
الوجه الخامس: أنه لم يعبأ بما ثبت عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، وبما ثبت عن غيرهما من أكابر التابعين؛ لأنها أقوال مخالفة لهواه. وتمسك بما ليس بثابت عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم؛ لكونه موافقاً لهواه، وهذا من عجيب أمره.
الوجه السادس: أنه لم يثبت ما يخالف الآثار التي ذكرها ابن حزم ههنا لا عن أحد من الصحابة ولا من التابعين، فقول ابن حزم أنه قد خالف غيرهم من الصحابة والتابعين غير صحيح.
الوجه السابع: أن لهو الحديث قد فسر بـ: الغناء، وفسر بالشرك، وفسر بأخبار الأعاجم وملوكها. وأكثر المفسرين على الأول، والصحيح: أن الآية تعم الجميع، وليس في نص الآية ما يبطل احتجاج من احتج بها على تحريم الغناء، كما زعم ذلك ابن حزم، بل من احتج بها على ذم الشرك والوعيد الشديد لأهله فهي له حجة. ومن احتج بها على ذم الغناء والوعيد الشديد لأهله فهي له حجة. ومن احتج بها على ذم أخبار الأعاجم والوعيد الشديد لمن آثرها على القرآن فهي له حجة. قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره: الصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كل ما كان من الحديث ملهياً عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عم بقوله: {لَهْوَ الْحَدِيثِ}، ولم يخصص بعضاً دون بعض، فذلك على عمومه حتى

الصفحة 315