كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

لإبليس: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (¬1). وقد ثبت عن مجاهد أنه فسر صوته بـ: الغناء والمزامير. وروي عن الحسن البصري أنه فسره بالدف. ومما يدل على ذم الغناء أيضاً قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} (¬2)، وقد فسر الزور بـ: اللهو والغناء، روي ذلك عن محمد بن الحنفية ومجاهد وغيرهما. ومما يدل على ذم الغناء أيضاً قول الله تعالى: {َفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (¬3). وقد فسر السمود بـ: اللهو والغناء، روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وغيرهما. وكل آية من هذه الآيات ترد ما قاله ابن حزم وتبطله.
الوجه العاشر: أنه قد تقدم في أول الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في تحريم الملاهي وذم أهلها، ومن ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مذموم عند الله تعالى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله تعالى، قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية (¬4)، وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬5)، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (¬6)، وقال تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} (¬7). وعلى هذا ففي كل حديث من تلك
¬__________
(¬1) سورة الإسراء، الآية 64.
(¬2) سورة الفرقان، الآية 72.
(¬3) سورة النجم، الآيات 59 - 61.
(¬4) سورة النحل، الآية 44.
(¬5) سورة النجم، الآيتان 3، 4.
(¬6) سورة الحشر، الآية 7.
(¬7) سورة النساء، الآية 80.

الصفحة 317