الآثار الثابتة عنهم في تفسير لهو الحديث بـ: الغناء إنما هي تمويه. والتمويه: هو التلبيس، قاله الجوهري وغيره، قال ابن منظور في [لسان العرب]: ومنه قيل للمخادع: مموه، وقدموه فلان باطله إذا زينه وأراه في صورة الحق. انتهى. ويلزم على قول أبي تراب أن تكون جميع الآثار الثابتة عن الصحابة والتابعين في تفسير القرآن تمويها، إذ لا فرق بين ما روي عنهم في تفسير لهو الحديث وبين ما روي عنهم في سائر الآيات.
وأما سوء أدبه مع علماء أهل السنة ففي زعمه أنهم يموهون على الناس بما يستدلون به من الآثار الثابتة عن الصحابة والتابعين في ذم الغناء والمعازف، ويلزم على قول أبي تراب أن يكون الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وأمثالهم من الأئمة مموهين لروايتهم الآثار عن الصحابة والتابعين في تفسير القرآن، إذ لا فرق بين ما رووه في تفسير لهو الحديث وبين ما رووه في سائر الآيات. وكل من في قلبه إيمان لا يشك في براءة الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى مما رماهم به أبو تراب من التمويه، وأما قلب الحقيقة ففي رميه أئمة العلم والهدى بوصف التمويه وهم بريئون من هذا الوصف الذميم. وفي الحقيقة أن أبا تراب وأسلافه أولى بوصف التمويه، كما هو واضح في كثير من كلام ابن حزم وأبي تراب. وقد بينت ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، والله الموفق.