كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

رضي الله عنه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي في تلخيصه. فدل هذا الحديث الصحيح على أن الغناء من شعب الضلال؛ لقول الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} (¬1). ومن قال بخلاف هذا فهو إما جاهل وإما مكابر معاند.
الوجه الثاني: أن التفصيل الذي ذهب إليه ابن حزم لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا قول صحابي، وما لم يكن عليه دليل فليس عليه تعويل. بل نقول: إنه تفصيل فاسد؛ لمخالفته لما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ولقول الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}.
الوجه الثالث: ان تفصيل ابن حزم ههنا كله تمويه وتلبيس على الجهلة الأغبياء، ولا حاصل تحته.
الوجه الرابع: أنه قد ثبت تحريم الغناء بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة وإجماع من يعتد بإجماعهم من أهل العلم، وما كان حراماً فالنية لا تحيله إلى الجواز فضلاً عن أن تحيله إلى الإحسان الذي هو أعلى مراتب العبادة.
الوجه الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل اللهو كله باطلاً سوى أربعة أشياء، وهي: الرمي بالقوس، وتأديب الفرس، وملاعبة الأهل، وتعليم السباحة. وقد زاد ابن حزم قسماً خامساً من كيسه، وهو:
¬__________
(¬1) سورة يونس، الآية 32.

الصفحة 322