كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

قلت: ويظهر لي فيه وجه غير هذا، وهو أنه شبه اللاعب بالنردشير – وهو من الميسر – بغامس يده في لحم الخنزير ودمه؛ لأن كلاًّ من الميسر ولحم الخنزير رجس بنص القرآن، فمن لعب بالنردشير فقد مس رجساً، كما أن من غمس يده في لحم الخنزير فقد غمسها في رجس. ثم إن أخذ لاعب النردشير عليه قماراً فهو مثل من باشر ذبح الخنزير وتقطيع لحمه فأكل منه أو من ثمنه. ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «من باع الخمر فليشقص الخنازير» رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فسوى في هذا الحديث بين بيع الخمر وتشقيص الخنازير: وهو تقطيع أعضائها للبيع والأكل؛ لأن كلاًّ من الخمر والخنزير رجس بنص القرآن، فهما سواء في تحريم البيع والتناول منهما بالأكل والشرب. والله أعلم. قال المنذري: ذهب جمهور العلماء إلى أن اللعب بالنرد حرام، ونقل بعض مشايخنا الإجماع على تحريمه. وقال الذهبي: اتفقوا على تحريم اللعب بالنرد. وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم آثار كثيرة في ذم النرد وتأديب اللاعبين بها، وترك السلام عليهم. قال البخاري رحمه الله تعالى في [الأدب المفرد]: باب الغناء واللهو. ثم ساق في الباب أحاديث منها: ما رواه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه كان بمجمع من المجامع، فبلغه أن أقواماً يلعبون بالكوبة، فقام غضبان ينهى عنها أشد النهي، ثم قال: ألا إن اللاعب بها ليأكل قمرها كآكل لحم الخنزير ومتوضئ بالدم، يعني بالكوبة: النرد. وقال البخاري أيضاً في [الأدب المفرد]: باب

الصفحة 332