بالنرد والشطرنج حرام عند الأئمة الأربعة، سواء كان بعوض أو غيره، وجوزه بعض أصحاب الشافعي إذا لم يكن بعوض، وجمهور أصحاب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم حرموه، ولكن تنازعوا أيهما أشد، فقال مالك وغيره: الشطرنج شر من النرد. وقال أحمد وغيره: الشطرنج أخف من النرد؛ ولهذا توقف الشافعي في الشطرنج إذا خلت عن المحرمات، إذ سبب الشبهة في ذلك أن أكثر من يلعب النرد يلعبها بعوض، بخلاف الشطرنج فإنها تلعب بغير عوض غالباً، وظن بعضهم أن الشطرنج يعين على القتال. والتحقيق: أن النرد والشطرنج إذا لعب بهما بعوض فالشطرنج شرهما؛ لأن الشطرنج حينئذ حرام إجماعاً. وكذلك يحرم إجماعاً إذا اشتملت على محرم من كذب ويمين فاجرة أو ظلم أو خيانة أو حديث غير واجب ونحوها، وهي حرام عند الجمهور، وإن خلت عن المحرمات فإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتوقع العداوة والبغضاء أعظم من النرد إذا كان بعوض، وإذا كانا بعوض فالشطرنج شر في الحالين. والله تعالى قرن الميسر بالخمر والأنصاب والأزلام؛ لما فيها من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وإيقاع العداوة والبغضاء، فإن الشطرنج إذا استكثر منها تسكر القلب، وتصده عن ذكر الله أعظم من سكر الخمر، وقد شبه علي رضي الله عنه لاعبيها بعبَّاد الأصنام، كما شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم شارب الخمر بعابد الوثن. وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: المغالبات في الشرع تنقسم ثلاثة أقسام: أحدها: ما فيه مفسدة راجحة على منفعته؛ كالنرد، والشطرنج، فهذا يحرمه الشارع ولا يبيحه، إذ مفسدته راجحة على مصلحته، وهو من