كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وقتادة والسدي ومكحول وعطاء بن ميسرة نحو ذلك. وفي رواية له عن مجاهد وسعيد بن جبير أنهما قالا: الميسر: القمار كله حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان. وفي رواية له عن طاوس وعطاء قالا: كل قمار فهو من الميسر، حتى لعب الصبيان بالكعاب والجوز. وذكر ابن كثير في تفسيره عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب أنهما قالا: حتى الكعاب والجوز والبيض التي تلعب بها الصبيان. وقال أبو جعفر ابن جرير في قوله تعالى: {وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (¬1): قال لنا سفيان بن وكيع: هو الشطرنج. قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: الميسر محرم بالنص والإجماع، ومنه اللعب بالنرد والشطرنج وما أشبهه مما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء، فإذا كان بعوض حرم إجماعاً. وإن لم يكن بعوض ففيه نزاع عند الصحابة وجمهور العلماء؛ كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد، ونص الشافعي على تحريم النرد وإن كان بلا عوض، وتوقف في الشطرنج، ومنهم من أباح النرد الخالي عن العوض؛ لما ظنوا أن الله حرم الميسر لأجل ما فيه من المخاطرة المتضمنة أكل المال بالباطل، فقالوا: إذا لم يكن فيه أكل مال بالباطل زال سبب التحريم. وأما الجمهور فقالوا: إن تحريم الميسر مثل تحريم الخمر؛ لاشتماله على الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ولإلقائه العداوة والبغضاء، ومنعه عن صلاح البين الذي يحبه الله ورسوله، وإيقاعه اللاعبين في الفساد الذي يبغضه الله ورسوله،
¬__________
(¬1) سورة المائدة، الآية 3.

الصفحة 341