يا أبا بكر، فإنها أيام عيد». وبه أيضاً إلى عمرو بن الحارث: أن محمد ابن عبد الرحمن - هو أبو الأسود - حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال لي: أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعهما»، فإن قيل: قد رويتم هذا الخبر من طريق أبي أسامة عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة، وقال فيه: وليستا بمغنيتين، قلنا: نعم، ولكنها قد قالت: إنهما كانتا تغنيان، فالغناء منهما قد صح، وقولها: ليستا بمغنيتين، أي: ليستا بمحسنتين، وهذا كله لا حجة فيه، إنما الحجة في إنكاره صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قوله: أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فصح أنه مباح مطلق لا كراهية فيه، وأن من أنكره فقد أخطأ بلا شك.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: بل قد جاء التفصيل عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بتحريم الغناء والمعازف والميسر بجميع أنواعه من نرد وشطرنج وغير ذلك مما يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة. وقد تقدم إيراد ذلك في أول الكتاب وفي الكلام على الشطرنج قريباً، ولله الحمد. وأي تفصيل في تحريم الغناء والمعازف أوضح من قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} الآية (¬1)، وقوله تعالى
¬__________
(¬1) سورة لقمان، الآية 6.