كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه أنكر على اللاعبين بالشطرنج، وشبههم بالعاكفين على الأصنام. وعلي رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنتهم والعض عليها بالنواجذ. وإذا علم هذا فلا ينكر التفصيل في تحريم الغناء والمعازف والشطرنج إلا جاهل أو مكابر.
الوجه الثاني: أن حديث عائشة رضي الله عنها ليس فيه حجة لابن حزم ومن نحا نحوه، وإنما هو حجة عليهم. وقد تقدم بيان ذلك مستوفى عند قول أبي تراب: ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجاريتين اللتين كانتا تغنيان بغناء بعاث، فليراجع.
الوجه الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر رضي الله عنه تسمية الغناء مزامير الشيطان، بل أقره على هذه التسمية، وأمره بترك التغليظ في الإنكار على الجاريتين، وعلل ذلك بأنها أيام عيد، وهذا يدل على ذم الغناء. وأما قول ابن حزم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أبي بكر رضي الله عنه تسمية الغناء مزمار الشيطان فذلك خطأ محض؛ لأن أبا بكر رضي الله عنه ليس هو الذي سمى الغناء مزامير الشيطان، وإنما سماه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان» رواه وكيع وأبو داود الطيالسي والترمذي وحسنه، والحاكم في مستدركه. وروى البيهقي في [الدلائل] وابن عساكر في تاريخه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشعر من مزامير إبليس»، وفي [سنن أبي داود] وابن ماجه

الصفحة 350