الغناء مزامير الشيطان، وأمره بترك الجاريتين وبين له الحكمة في تركهما بأنها أيام عيد. وهذا من أوضح الحجج على منع الغناء في غير أيام العيد وما في معناها كالأعراس، وهذا إنما هو في إنشاد الأشعار مع الضرب بالدف، كفعل الجاريتين اللتين كانتا تغنيان عند عائشة رضي الله عنها. فأما الغناء المعروف عند أهل اللهو واللعب من المخنثين وأشباههم وهو ما يطلق عليه اسم الغناء في زماننا فهذا حرام على الإطلاق، لا يباح في عيد ولا عرس ولا غير ذلك من الأوقات؛ لأنه صوت أحمق فاجر ملعون في الدنيا والآخرة، ولأنه أيضاً قرين الخمر والنياحة، ولما رتب عليه من الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة، كما في قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (¬1)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
الوجه السادس: أن عائشة رضي الله عنها قد صرحت بأن الجاريتين ليستا بمغنيتين، وفي هذا رد على من احتج بحديثها على جواز الغناء المحرم؛ كابن حزم، وابن طاهر وأضرابهما.
وأما قول ابن حزم: أن الغناء منهما قد صح.
¬__________
(¬1) سورة لقمان، الآية 6.